# # # #
   
 
 
[ 02.06.2011 ]
الطبع يغلب التطبع ـ أمير بابكر عبدالله




يقول عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تواسي فئة من أولئك المتعاظمين باسم الدين الأمة فتقول "يا بؤساء: هذا قضاء من السماء لا مرد له، فالواجب تلقيه بالصبر والرضا والالتجاء إلى الدعاء، فاربطوا أسنتكم عن اللغو والفضول، واربطوا قلوبكم بأهل السكينة والخمول، وإياكم والتدبير فإن الله غيور، وليكن وردكم: اللهم انصر سلطاننا، وآمنّا في أوطاننا، واكشف عنّا البلاء، أنت حسبنا ونعم الوكيل."

تواردت في خاطري تلك المواساة وأنا أقرأ رأياً للامين العام لحزب الله حسن نصر الله في موقع BBC، يدعو فيه السوريين إلى التمسك بنظامهم الذي وصفه بالمقاوم والممانع، لأن إزاحة النظام تخدم مصالح الولايات المتحدة واسرائيل. وجاء في الخبر إن حسن نصر الله وفي احتفاله بذكرى تحرير جنوب لبنان، قال إن أغلبية السوريين لا يزالون يؤيدون الرئيس بشار الأسد، وإنه مستعد للقيام بخطوات إصلاحية كبيرة جداً بشرط أن تتم هذه الإصلاحات في هدوء.

دون الدخول في تعقيدات المشهد السياسي اللبناني، حسن نصر الله وحزبه يعيشون واقعاً سياسياً مختلفاً عن ذلك الذي في سوريا. فهم يتمتعون بالحرية الكاملة ويشاركون في الانتخابات ويفوزون ويسقطون الحكومة ديمقراطياً، وفوق ذلك يمتلكون جيشاً مسلحاً تحت بند المقاومة. وباسم تلك المقاومة وقضية الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان ومناصرة القضية الفلسلطينية إحتل حزب الله وامينه العام حسن نصر الله موقعاً بارزاً في قلوب المتابعين لانتصاراتهم بنيران أسلحتهم وخطبه الأكثر نارية. لكنه الطبع الذي يغلب التطبع، فحيث هو يرتع في مرج الديمقراطية يغلبه طبعه الاستبدادي فيقول للسوريين كما اولئك المتعاظمين الذين ذكرهم الكواكبي "ليكن وردكم اللهم انصر سلطاننا، وآمنا في اوطاننا، واكشف عنا البلاء" بدعوى إن إزاحة النظام في سوريا من مصلحة المريكان وإسرائيل.

إن الأحزاب المستبدة لا تستطيع العيش تحت ظل الأجواء الديمقراطية طويلاً، لأنها تخنقها. وتفضل أن تتنفس تحت ما الشمولية والقهر، ويا ويل الشعب إن وصلت إلى الحكم وسيطرت على الحكومة لتصير حكومة مستبدة، أو كما قال الكواكبي في كتابه المذكور (الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي، إلى الفرّاش، إلى كنّاس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أي كانت ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم, وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه، وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته، فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه، واحتاج إلى مزيد الدقة في اتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة، واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة، وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً، ولهذا لا بد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة.)

فهل يسعى حزب الله وامينه العام إلى إن بلغت به الأيام كرسي الوزارة وصار الوزير الأعظم ان يتحول إلى اللئيم الأعظم في الأمة ويحول لبنان إلى ضيعة خاصة به وبحزبه، أم سيلتزم بشروط الديمقراطية وممارستها كما يقول وهو على رصيف المعارضة؟



Source: oldsite.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by