# # # #
   
 
 
[ 20.05.2011 ]
في السيرة السياسية (6) ـ أمير بابكر عبدالله




موقفان مهمان في مسيرة حزب التحالف الوطني السوداني يدعمان زعمه بمدى تجذر الممارسة الديمقراطية داخله. الموقف الأول كان تجاه (التجمع الوطني الديمقراطي)، فقد شهدت أروقة الحزب آراء متباينة حول العمل تحت مظلته. ففي الوقت الذي إنحازت الأغلبية للرأي القائل بضرورة وأهمية الإنضمام للتجمع الوطني "وهو ما حدث فعلاً"، حيث قبلت عضويته في مؤتمر القضايا المصيرية الذي عقد في العاصمة الأرترية أسمرا العام 1995. وكان لهذا الرأي من الحيثيات الموضوعية ما يكفي لينتصر القرار بالانضمام للتجمع واكتساب عضويته. في مقابل ذلك كان هناك رأياً آخر يذهب إلى عكس ذلك ولديه من الحيثيات الموضوعية أيضاً ما جعل انصاره يتمسكون بموقفهم الرافض للدخول، وبعد ذلك الداعي للخروج منه ومواصلة إدارة الحوار حوله داخل أروقة الحزب منذ ذلك التاريخ حتى إنعقاد المؤتمر العام الثالث للحزب في مايو 2009، وأيضاً إنتصر الرأي القائل بعدم إعلان الخروج عنه وتركه لمصيره يموت سريرياً.

كيفية إدارة الإختلاف في الرؤى والإلتزام بقواعد الممارسة الديمقراطية، القاضية بإحتفاظ الأقلية بحقها مع التزامها بقرار الأغلبية، هو ما دفع بالتحالف للمساهمة بكل جدية وشفافية لدعم عمل التجمع الوطني أثناء مسيرته السياسية والعسكرية منذ إعتماده عضواً فيه. وشارك بفعالية في هذا العمل، حتى الأعضاء الداعين للخروج عنه. وفي هذا الإطار قدم التحالف العديد من الرؤى والأفكار، فغير المواقف الداعمة لوحدة العمل العسكري حينها، من أبرز مساهماته كانت الورقة التي قدمها قبل إنطلاق مفاوضات نيفاشا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وهي التي أطلق فيها دعوته لتوسعة مبادرة الإيقاد لتشمل كل القوى السياسية بدلاً من طرفين لا يمثلان إرادة كل الشعب السوداني. هذه الدعوة إنطلقت من رؤية مبكرة للتحالف بأن هذه الخطوة هي التي ستعزز السلام بحشد أكبر إلتفاف حول ما ستسفر عنه مفاوضات الإبقاد، وتدعم خطوات الدولة المستقبلية الموحدة العماد الثالث لشعار التحالف الاستراتيجي "نحو دولة مدنية ديمقراطية موحدة"، ولكن حدث ما حدث. وسنتطرق في هذه السلسلة للعديد من المواقف والرؤى الساطعة التي قدمها خلال مسيرة التجمع.

الموقف الثاني الذي يأتي في سياق تجذر الممارسة الديمقراطية داخل التحالف، كان هو الموقف من الانتخابات العامة والرئاسية التي جرت في أبريل من العام الماضي تنفيذاَ لبنود إتفاق السلام الشامل. خرج القرار بالدخول للإنتخابات بناءاً على رأي الأغلبية التي إلتفت حول المبررات التي سيقت حول جدوى المشاركة في الانتخابات وأهميتها، في الوقت الذي كان البعض يرى مقاطعتها متمسكاً بموقفه حتى اللحظات الأخيرة، مستفيداً من كل القنوات التنظيمية لعرض وجهة نظره في سبيل حشد الدعم اللازم حول رأيه. لكن ما فعله الرافضون لفكرة المشاركة في الانتخابات، إلتزاماً برأي الأغلبية ودفاعاً عنه، وما بذلوه من دعم مالي وجهد فيزيائي كان معبراً تماماً عن جوهر فكرة الممارسة الديمقراطية داخل أروقة الحزب، بل ذهب الأمر إلى إلتزام العضوية، التي تم إختيارها للتنافس الانتخابي كمرشحين للتحالف، بذلك؛ ومن بينهم معارضين لفكرة المشاركة من أصلها.

توسيع القنوات بحيث تتيح اكبر قدر ممكن من المشاركة في اتخاذ القرار، حتى لو كان القرار مخالفاً لرأي البعض ممن شاركوا في إدارة الحوار قبل إتخاذه، وخروجه وفقاص لقواعد الممارسة الديمقراطية، هو الدافع القوي لإلتزامهم به والدفاع عنه. وحق الأقلية المحفوظ في الدعوة لرؤيتها عبر القنوات التنظيمية المتعارف عليها، وعدم إنسدادها في مرحلة ما يحول دون الإلتفاف عليها ويبطل مفعول التكتلات التي يمكن أن تنشأ وتتطور إلى ظاهرة سلبية لها عواقبها المستقبلية في مسيرة أي حزب سياسي.

 



Source: oldsite.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by