# # # #
   
 
 
[ 15.05.2009 ]
عبد العزيز خالد في حوار الكتلة التاريخية لبناء الدولة المدنية - 2


أجرت صحيفة اجراس الحرية حوارا مطولا مع رئيس المجلس المركزي للتحالف الوطني السوداني عبدالعزيز خالد، ونشرت الحلقة الاولى منه الاربعاء 13 مايو 2009. فيما يلي نص الحلقة الثانية من الحوار:

* الكتلة التاريخية ضرورة لهزيمة ثنائية الاتفاقيات مع الوطني
* وحدة السودان مهددة.. متى تعي قيادات الأحزاب دورها؟!
* الحوار مع الوطني لن يساعد في تعزيز وحدة السودان
* قوس قزح سيكون بلسم التشريع في الانتقال الحرج
* من لا يتصالح مع شعبه.. فهل يتوقع ان يتصالح المجتمع الدولي معه؟
* سيظل طرح الوحدة والاندماج مع الحركة الشعبية قائماً..

حوار الفاتح عباس

مقدمة:

التحالف الوطني السوداني.. اكثر التنظيمات والقوى السياسية السودانية التي رأت النور بعد الثلاثين من يونيو 1989م مثاراً للجدل والنقاش حول ما يطرحه التحالف من قضايا وافكار.. قائد قوات التحالف السودانية العميد (م) عبد العزيز خالد عندما اعلن خروجه عن القيادة الشرعية للقوات المسلحة السودانية قفذت إلى الأذهات العديدمن التساؤلات... وهذا لايعتي (اجراس الحرية) في هذا الحوار.. حوار اليوم يتناول المؤتمر الثالث للتحالف الوطني السوداني الذي عقد مؤخراً بالخرطوم ..حوار يحاول تشريح الازمة السودانية والعلاقات بين الاحزاب والقوى السياسية وخياراتها في تحدي حزب المؤتمر الوطني .. حوار يتلمس بعمق مشوع قوس قزح السياسي السوداني .. وهل ينجح حقيقة في بناء الكتلة التاريخية لبناء الدولة السودانية المدنية الديمقراطية على انقاض كل المشاريع المطروحة على الساحة السياسية..؟

* السودان حقيقة يعيش في أزمة.. ولكن كلما تعمقت هذه الأزمة هرعت كل الأحزاب نحو المؤتمر الوطني.. فكيف تبنى الكتلة التاريخية؟

هذا هو السبب الرئيسي والدافع الحقيقي لطرح مشروع (قوس قزح) نعود الى التاريخ السياسي السوداني، تجربة ثورة اكتوبر 1964م تم تأسس كتلة قادت عملية الانتقال، ممثلة في جبهة الهيئات.. ثم ابريل 1985م تأسست كتلة التجمع النقابي والحزبي وقادت عملية الانتقال. حزب المؤتمر الوطني  يعلم علم اليقين انه في حال تكوين كتلة تاريخية سوف تكون قادرة على قيادة عملية التحول من نظام شمولي الى نظام ديمقراطي تعددي. اليوم، الغائب عن الساحة السياسي السودانية هذه الكتلة، ولهذا كان المؤتمر الوطني بارعاً في لقاءات الثنائيات. المفتاح السحري الذي تملكه القوى والأحزاب السياسية هو بناء كتلة لمواجهة مشروع المؤتمر الوطني. القضية ليست قضية هذا ضد ذاك، ولكنها في نهايات مشروع المؤتمر الوطني، والذي سوف يقود حتماً الى تمزيق وحدة السودان. وحدة السودان مهددة واذا لم تستشعر قيادات الأحزاب المختلفة هذا الخطر الحقيقي فمتى تعي تلك القيادات دورها التاريخي؟!

* قيادات الأحزاب تشعر هذا الخطر، ولكنها ترى بأن ضمان وحدة السودان لن تكون إلا عبر الحوار مع المؤتمر الوطني؟

التجربة أثبتت دون شك بأن الحوار مع المؤتمر الوطني يعني في النهاية تمزيق وتفتيت السودان. بناء كتلة قوس قزح يساوي الحفاظ على وحدة السودان. هذه هي المعادلة، الحفاظ على وحدة السودان يعني الحفاظ على الاستقرار، نحافظ على السلام.

* انها معادلة صعبة، حفاظ على الوحدة دون المؤتمر الوطني؟

نعم.. انها معادلة صعبة، ولكن لا يوجد غيرها ولا يوجد أي مخرج من تمزيق وتفتيت السودان سوى بناء كتلة قوس قزح السياسي.

* المؤتمر الوطني يمتلك القواعد السياسية والاقتصادية فكيف يمكن تجاوزه؟

(شوف) نعم المؤتمر الوطني يمتلك القواعد الاقتصادية الهائلة.. لكن يجب علينا العمل لبناء تلك الكتلة وبيننا وبين المؤتمر الوطني الانتخابات. فكرة مشروع قوس قزح قائمة على التوافق حول برنامج الحد الأدنى.. مرشح حد أدنى لرئاسة الجمهورية.. ومرشح حد أدنى في كل الدوائر الانتخابية بكافة المستويات. هذا سوف يساعد في التسريع بما يسمى بـ(الانتقال الحرج) للتخلص من قبضة المؤتمر الوطني للسلطة والاقتصاد. قد يقول قائل بأن التجمع الوطني الديمقراطي هو القادر على ذلك؛ لكن ما يعيب تركيبة التجمع خلاف خروج حزب الأمة عنه هو غياب مؤسسات المجتمع المدني.

* سياسة وخطاب المؤتمر الوطني قائمة على ان السودان مستهدف من الخارج.. قوس قزح هذا هل سوف يمنع الاستهداف؟

خطاب المؤتمر الوطني في الفترة الأخيرة اعتمد على شعار (السودان مستهدف لخيراته الظاهرة والباطنة) هذا الخطاب يشكل بضاعة لشراء التفاف الشعب السوداني حول المؤتمر الوطني، ولكن أقول بانها (بضاعة مضروبة)، مضروبة؛ لأن الاستهداف الخارجي ما جاء الا بسبب سياسات المؤتمر الوطني. نسبة الاستهداف هذه سوف تقل اذا غابت تلك السياسات والمنهج.

* لكن المواطن العادي يشعر ويعلم بأن السودان مستهدف بسبب البترول والأراضي الزراعية؟

حتى أكون واضحاً، سوف أعطي بعض النماذج لسياسات النظام والتي جعلت السودان مستهدفاً. نرجع الى بدايات هذا النظام، ففي الأيام الأولى له تم فتح السودان لكل منظمات وجماعات الارهاب العالمية، انتهت هذه المرحلة، ولكن لاحقاً أصبح موقف النظام المبدئي.. اقليمياً، هناك محاور: محور الاعتدال، ومحور التطرف. النظام يعلن بأنه مع محور التطرف، ويقف مع حماس، ايران، هذا الموقف يتناقض مع مصالح السودان العليا. المسألة الأخرى في خطاب المؤتمر حول الاستهداف: هو الهدف من محاصرة المعارضة من الداخل بتصوير الأمر وكأن كل السودانيين مستهدفون من الخارج. والغريب في هذا الأمر هو محاولات النظام المتكررة في تحسين علاقاته مع المجتمع الاقليمي والدولي.

* لكن.. هناك مؤشرات ايجابية.. فقبل أيام أعلن المسؤول عن الشؤون الانسانية بالأمم المتحدة عن تحسن الأوضاع في السودان؟

القاعدة التي تحكم سياسة التحالف الوطني السوداني، هي بأن العامل الخارجي يظل دوماً عاملاً ثانوياً، فالعامل الداخلي هو العامل الرئيسي، ومنهج وغاية المؤتمر الوطني اليوم هم مصالحة المجتمع الاقليمي والدولي. قاعدة التحالف بل قاعدة كل من له عقل هي (تصالح مع شعبك يتصالح معك المجتمع الاقليمي والدولي) من يعادي شعبه سوف يعادي حتماً المجتمع الاقليمي والدولي، وليس العكس. السودان في منتصف 2009م يناقش المجلس الوطني اعادة قوانين سبتمبر 1983، والكل يتحدث عن تنوع وتعدد. كيف تستقيم الأمور ونظام يعادي شعبه بمنهج وفكر آحادي؟! هذا يتناقض مع أبسط قواعد المنطق. معركة التوازن بين المجتمع الاقليمي والدولي أيضاً هي معركة ليست سهلة لا سيما ونحن على أبواب الانتخابات العامة. وفي اعتقادي بأن أكثر القوى والأحزاب تخوفاً من خوض معركة الانتخابات هو حزب المؤتمر الوطني.

* بالرغم من عبارات لحس الكوع! وواهم من يهزم المؤتمر الوطني؟

رغم كل ما يرفع من شعارات فان حزب المؤتمر الوطني هو من أكثر الأحزاب خوفاً لخوض الانتخابات. وحقيقة ليس هناك حزب سياسي بالمعنى والمفهوم العلمي يسمى المؤتمر الوطني، وانما هناك امتداد طبيعي للجبهة القومية الاسلامية سابقاً، وحالياً الحركة الاسلامية.

* القضية ليست قضية مسميات وانما الغاية هي الوسيلة التي تحقق هدف الجبهة او المؤتمر او الحركة الاسلامية؟

هذه قضية مهمة للغاية، لذا فلم يكن مصادفة ان ينعقد مؤخراً مؤتمر للحركة الاسلامية. المؤتمر السابع للحركة الاسلامية الذي عقد في (سوبا) قبل مدة، هذا المؤتمر يشكل مؤشراً مهماً للغاية، وهو يعني بأن الحركة الاسلامية بدأت في إعادة بنائها بعيداً عن حزب المؤتمر الوطني؛ لشعور الحركة الاسلامية بأن المؤتمر الوطني لم يعد يعبر عن الحركة الاسلامية، وانما هو مجموعة من الأفراد لها مصالح، بالاضافة الى تسلل مجموعة من الانتهازيين للحزب، والكل يعرف بأن الانتهازيين (ساعة الحارة) لن يتمسكوا بالمبادئ والأفكار التي يدعو ويعمل المؤتمر الوطني على تحقيقها. اذن الحركة الاسلامية بدأت في اعادة ترتيب أوراقها وسوف تعود بالتالي الى حجمها الطبيعي.

* اذا بدأت الحركة الاسلامية في ترتيب أوراقها.. وماذا عن الأحزاب الأخرى؟

طبعاً كل الأحزاب والقوى السياسية ما عادت كما كانت بعد الثلاثين من يونيو 1989م لقد ابتليت تلك ـ أو بعض منها ـ بجرثومة الانقسامات.. المهم مازالت الأحزاب الرئيسية متماسكة في هيكلها العام. وعندما يطرح التحالف الوطني السوداني فكرة قوس قزح السوداني واضعاً في الاعتبار كل تلك الظروف والملابسات، لذا كانت الفكرة والفلسفة لقوس قزح هي التوافق على برنامج وأهداف الحد الأدنى الذي يمكنه جمع كل الأحزاب المعنية.

* لقد ذكرت بأن الأحزاب قد تبدلت كثيراً بعد الثلاثين من يونيو.. هناك عامل مهم وهو الحوار بالبندقية.. هل أخذ في الاعتبار شعار (قوس قزح) هذا العامل؟

الحوار بالبندقية قد عرفه التحالف الوطني السوداني ومارسه. والحوار بالبندقية هو وسيلة لفترة زمنية محددة، وهذه الفترة حتماً سوف تنتهي. والحاجة الى البندقية بالتالي سوف تنتهي. البندقية لم تشكل وسيلة مستمرة للتغيير. الأهداف هي التي تبقى ثابتة؛ أما وسائل تحقيق تلك الأهداف فهي التي تتغير. وقد تم توجيه الدعوة الى الأخ عبد الواحد محمد نور، ود خليل ابراهيم للمشاركة في بناء مشروع (قوس قزح) لقناعتنا بأنّ أزمة دار فور ليست بمعزل عن أزمات ومشاكل السودان العديدة وبالتالي لابد من ايجاد حلول شاملة لكل تلك الأزمات.

* ندع قوس قزح ونأتي الى التحالف... كيف أثر الانقسام عليه؟ وما هي طبيعة العلاقة مع الحركة الشعبية؟

الانقسام بالتأكيد أثر في علاقة التحالف الوطني السوداني مع الحركة الشعبية، بدليل ان خطوات ومساعي توحيد ودمج التحالف والحركة الشعبية قد توقفت.

*هل الاندماج والتوحد بينكم وبين الحركة الشعبية يقوم على أفراد أم على مبادئ وأفكار؟

بالتأكيد فكرة الاندماج والتوحد جاءت لقناعات فكرية تحكمها اهداف وغايات محددة، ولكن مع الأسف الشديد الحركة الشعبية وقفت مع الانقساميين بالتحالف. لقد قابلت ذات مرة د. رياك مشار، وسألني: لماذا لا توجد نتائج ملموسة بعد اندماج التحالف الوطني بالحركة الشعبية؟ أجبته ببساطه: الحركة الشعبية أدمجت المجموعة المنشقة عن التحالف الرئيسي. بالرغم من هذا فان التحالف الوطني لا يحمل الجروح معه في العمل السياسي، وسيظل التحالف متفائلاً متطلعاً نحو المستقبل وشعاره (مستقبل أفضل لشعب كريم) ولن تتأثر علاقة التحالف بالحركة لأنها وقفت مع الانقساميين.. هذا لن يحدث ابداً، وشخصياً لا أتحدث عن مرارات فردية وانما أتحدث  [وكذلك التحالف] عن هدف استراتيجي كبير، وأنا على قناعة بأن عضوية الحركة خاصة في قطاع الشمال عندما التقي ببعضهم يسألون: أين الوحدة والاندماج؟! لأن هذه هي أماني وطموح وآمال الناس. التحالف الوطني السوداني يخاطب احلام (الناس) لذا فان عملية الوحدة والاندماج مع الحركة الشعبية سوف تظل مطروحة الى ان تصل الى مآلاتها.

* هناك طرح على الساحة السياسية.. وهو عدم اقصاء المؤتمر الوطني عن الساحة وانما (قلب) النسبة ليشكل الأقلية.. ما رأيكم في هذا الطرح؟

التحالف لا يوافق على هذا الطرح. الرؤية واضحة، وعبر التاريخ فان من يمسك بالسلطة القابضة سوف يتمسك بها ويعمل بكل جهد على الحفاظ عليها.وحتى خلال عملية الانتقال فان من يمسك بالسلطة سوف يقاوم هذه العملية. لو كنت في مكان المؤتمر الوطني وطلب مني التنازل عن نسبة الـ52% في السلطة فلن أوافق على ذلك.

* بالطبع لن يتنازل المؤتمر الوطني عن نسبته الغالبة إلا اذا توحدت القوى الديمقراطية.. فهل يمكن للتحالف ان يتوحد مع كل الديمقراطيين؟.

هذه النسبة التي أفردت للمؤتمر الوطني جاءت نتيجة لاتفاقية تيفاشا. التحالف الوطني يتمسك بقوة على ضرورة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، والذهاب الى العملية الانتخابية؛ وعندها يمكن هزيمة المؤتمر الوطني.. التحالف الوطني حزب جماهيري (وشعبي) ولن يتأثر بالحديث القائل بأن المؤتمر الوطني يمتلك السلطة والثروة. وانا أقول بكل شجاعة: اذا حاول المؤتمر الوطني شراء ذمة الناخبين بالمال، فعلى الناخب ان يأخذ تلك القروش ويدلي بصوته للمرشح الذي يريد. وبالبداهة لن يكون مرشح حزب المؤتمر الوطني. المال الذي يدفعه المؤتمر الوطني لتزوير الانتخابات ليس ملكاً له وانما هو مال الشعب، وبالتالي هو ملك الناخب الذي يحاولون شرائه.

* لكن هناك عملية قسم على المصحف الشريف.. فهل تتوقع ان ينكص الناخب وعده؟

يا أخي لو سارق سرق مالك واشترط عليك بأنه لن يعيده لك إلا بعد ان تقسم بفعل هذا وذاك.. فهل تقبل بذلك. المال مالك. وهل يعقل ان يحلفك شخص على حقك! فهل هذا من قيم الدين الاسلامي الحنيف. بالمناسبة! التحالف الوطني السوداني منحاز الى الدين الاسلامي الصوفي الشعبي، لأن الاسلام السياسي وافد الى السودان من الخارج. فالاسلام الذي عرفه السودانيون يخلق كثيراً من مناخات التسامح مما يساعد على الاستقرار والسلام.

* كل ما طرحه التحالف من أفكار ومشاريع لهزيمة المؤتمر الوطني عبر الانتخابات.. هل تناسيتم عامل الزمن؟

عملية الانتقال الجرح صحيح انها عملية طويلة وشاقة ولكن اذا رأى قوس قزح النور وخاض تلك الانتخابات فان المؤتمر الوطني لن يكسب الأغلبية التي يتمتع بها الآن. (روبرت موغابي) أحد قادة التحرر الوطني الافريقية اليوم شعبه يطالبه بالتغيير. هناك أمل.. وهناك تغيير قادم بالسودان هذه هي قناعتنا. فاذا تم تحديد يوم الانتخابات غداً؛ وكان هناك قوس قزح السياسي فانه سوف يكتسحها.

* نتحدث عن اكتساح قوس قزح للانتخابات والمؤتمر الوطني يملك السلطة والثروة؟

التجارب العالمية أثبتت صحة طرحنا..( دانيال أروب موي) كان يملك الدولة كلها وذهب.. (بيريز مشرف) كذلك، لكن في باكستان استطاع الحزبان خلق قوس قزح من الحزبين: حزب الشعب وحزب رابطة عوامي.. الشعب السوداني يتطلع الى تغيير ولا بد ان يحدث، فقد سئم الشعب هذا النظام. تقرير الأمم المتحدة الأخير أشار الى أن 90% من شعب السودان تحت خط الفقر.. وكفى ولا بد للتغيير أن يحدث.
 

 



Source: oldsite.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by