# # # #
   
 
 
[ 11.03.2009 ]
اوراق متناثرة: وطني.. يا ربي ـ غادة عبدالعزيز




 صدرت يوم الأربعاء الرابع من مارس 2009 مذكرة محكمة الجنايات الدولية بشأن اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير. لم يكن صدور القرار مفاجأة، سواء للسودانيين أو للمهتمين بالشأن السوداني، فقد شكّل مجلس الأمن لجنة للتحقيق فيما يحدث في دارفور منذ عام 2004 ثم أصدر قراره بتحويل القضية للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها في 31 مارس 2005، أي قبيل أربع سنوات كاملة هذا الشهر. وفي الرابع عشر من يوليو 2008 وجَّه المدعي العام للمحكمة الدولية اتهاماً رسمياً للرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة دولية وطالب مجلس الأمن بإصدار مذكرة لاعتقاله.

وبدا لي أن العالم، منذ ذلك الوقت، كأنما وضع في (خلاطة) وصارت الأصوات ترتفع عالياً حتى لا تكاد (تفرِّق) بين الأصوات التي صرخت فرحة مستبشرة وما بين الأخرى المحتجة الغاضبة، ويبدو أن حديث العقل الهادئ قد ضاع في أوج (المعمعة). فلقد عقدت الاجتماعات سواءً الداخلية على مستوى الوزارات وهيئات الدولة العليا أو على مستوى جامعة الدول العربية، وأصدرت البيانات وخرجت المظاهرات وكلّ هذه المعاملات قد استندت على العاطفة، في تقديري، أكثر من بحث المشكلة من ناحية قانونية. فقد تطايرت الاتهامات للمحكمة الدولية بأنها غير عادلة وبأن لها أكثر من معيار تكيل به القضايا وإلا لكانت الحكومة اليهودية قد ألقي عليها (مكلبشة) وتتوسّد اليوم السجون. وكانت هنالك تصريحات بأن السودان غير موقّع على ميثاق المحكمة لذلك فإنه غير ملزم بقراراتها وكذلك بالتعامل معها.. وتعقدت القضية كثيراً في خلال السنوات الأربع الماضية حتى شهدنا اليوم صدور القرار الفعلي.

? وفي حوار أجراه الأستاذ أسامة أبوشنب مع د. الهادي شلوف، وهو فرنسي من أصول ليبية، حاصل على دكتوراة دولية في القانون الدولي وعضو محكمة العدل الدولية، ونشر بـ(الصحافة) يوم الأربعاء 4 مارس 2009، يقول د. الهادي إنه التقى السفير السوداني بباريس وحذّره من عواقب القرار بل ونصح بالبحث عن طرق عقلية قانونية بحتة للتعامل مع المشكلة. كان طرح الدكتور هو أن يقوم السودان بإقامة محاكم خاصة به ليتجنّب التعامل مع الجنائية الدولية، وبالرغم من أن الفكرة كانت قد لقت قبولاً عالمياً كبيراً إلا أن السودان هو الذي رفضه وبذلك تعمّقت المشكلة أكثر. وكان أكثر ما لفت نظري في الحوار المنشور هو تأكيد د. الهادي أن حتى الدول غير الموقعة على ميثاق المحكمة مجبرة على التحرّك لتنفيذ القرار. أما إذا ما تمسّك السودان بموقفه فإن هنالك إجراءات أخرى يمكن أن يتخذها مجلس الأمن مثل الحظر الجوي، الحظر الاقتصادي، البترول مقابل الغذاء (يعني عراق ثانية)، بالإضافة إلى تقليص التعاملات الدبلوماسية مع السودان.

أن ترفض الحكومة السودانية القرار، فهذا في كفة، لكن أن لا تتعامل معه بقانونية حتى تكفي السودان شره فهذا أمر خطير ويوضع في كفة أخرى. لقد ظل الإنسان السوداني يعاني من وطء الفقر والحروب طوال العقود الماضية وتبعات خطيرة مثل تجاهل قرار المحكمة ستضع على معصمه المزيد من القيود وتجعله يدور في الساقية بلا نهاية.. لقد كان أمام السودان أربع سنوات كاملة كي يتجنّب القرار لكنه لم يتخذ الخطوات الصحيحة.. الآن قد صدر القرار وصارت دراسة الخطوات المقبلة أكثر إلحاحاً.. لك ربي يا وطني ولك الله يا إنسانه.



Source: oldsite.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by