# # # #
   
 
 
[ 01.03.2009 ]
اوراق متناثرة: أبطال مغمورون!! ـ غادة عبدالعزيز




ولد (يوهانس جيريجواري) في بلدة صغيرة بجنوب أثيوبيا وكان والده رجلاً بسيطاً، غير متعلّم، يعمل بائعاً للمواشي، ولكنه يدرك لأهمية التعليم، فكافح من أجل إدخال ابنه المدارس. ومرّت السنون بيوهانس وهو يتدرَّج في سنوات السلّم التعليمي بدون أحداث تذكر حتى غيّر كتاب في يوم حياته. فحينما كان في التاسعة عشرة من عمره وجد رواية رومانسية وبدأ في الإطلاع عليها، وكان هذا هو أول كتاب يمتلكه يوهانس ويقرأه بينما هو ليس مقرراً عليه في المدرسة.

سافر يوهانس من أثيوبيا وحضر إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1981 ودرس علم المكتبات. وبعدما تخرّج من الجامعة، عثر على وظيفة في مكتبة (سان فرانسيسكو) للأطفال وهنالك اطلع على كتب الأطفال وعلى القصص التي تروى لهم وبدأ يشعر بالألم لما يفتقده الأطفال في بلاده، وظلّت رغبته قوية في العودة لأثيوبيا وتقديم الكثير لأطفالها. يقول يوهانس:

«معظم الكتب التي يطلع عليها الأطفال الأثيوبيون هي كتب مدرسية فحسب، بينما الكتب التي تقرأ خارج المناهج هي التي تعتبر (بهار) التعليم».

وبدأ يوهانس في البحث عن أموال كي يبتاع بها كتباً لأطفال أثيوبيا ووافقت المكتبة فعلاً على منحه مبلغ (1200) دولار لشراء كتب أثيوبية، لكن يوهانس لم يجد أي كتب باللغة الأمهرية. فبحث يوهانس عن مخرج وبدأ في تأليف كتب بنفسه، وكان أولها (مامو الظريف). ثم أنشأ يوهانس منظمة خيرية غير ربحية أسماها (القراءات الأثيوبية) وبدأ دخلها من الأموال التي درتها عليه كتبه.

وفي خلال عام 2002، ترك يوهانس عمله ومنزله من خلفه وعاد إلى بلاده وبحوزته (15) ألف كتاب للأطفال حصل عليهم كتبرّع من مكتبة سان فرانسيسكو للأطفال. وقام يوهانس بافتتاح مكتبة للأطفال في الدور الأول من منزله في أديس أبابا. وتدافع الأطفال على المنزل الصغير حتى ملأوا غرفه الثلاث مما دفع يوهانس إلى توفير ثلاث خيام كبيرة خارج منزله لتحتضن المئات من الأطفال الذين حضروا لقراءة الكتب التي بمكتبته. يقول يوهانس: «إن بإمكان الأطفال تخيل كل شيء من الكتب.. باستطاعتهم التواصل مع الثقافات الأخرى.. التعرف على الناس وأطفال الآخرين بل وتصور العالم جله. إن الكتب تعطيهم الأمل، تمنحهم السعادة، وتمدّهم بكل ما لا يجدونه في المقررات والمناهج المدرسية.
ولفتت جهود يوهانس أنظار محطة الـ (سي أن أن)، التي لا تبث الأخبار المحلية والعالمية فحسب، بل وتقوم أيضاً بالبحث الدؤوب عن كل مَنْ يقدّم الخير. وقامت الـ(سي أن أن) بتكريم يوهانس مع مجموعة أخرى من الذين يقومون بمساعدة الآخرين بدون انتظار لمقابل.

هنالك بالتأكيد من يقوم بعمل استثنائي من أجل السودان سواء بين ربوعه أو خارجه، ومن الممكن لفت الأنظار إليه وترشيحه أو ترشيحها لتكون في قائمة الـ(سي إن أن). لكن ما قام به يوهانس يفتح طاقات من الأمل ويعزز الثقة بأن الإنسان مهما هاجر من وطنه وتركه، يبقى الوطن وهمومه تسكن دواخله.
 



Source: oldsite.tahalof.info


رأي ـ تعليق  



هل قرأت المقال اعلاه؟   
اكتب    
 
 
 
 
 
  
site created & hosted by